كيف تؤثر الأخبار الاقتصادية على أسعار العملات المشفرة؟

انضم لجروب الفيسبوك محاسبون وجروب وظائف للمحاسبين و جروب التليجرام

بعدما ما حدث مؤخرًا في الأسبوع الأخير من فبراير 2025 وما شهده سوق العملات المشفرة من تراجع كبير بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض رسوم جمركية جديدة على دول مثل كندا والمكسيك.. هذا يضعنا تحت تساؤلات كبيرة حول تأثير الأخبار الاقتصادية على أسعار العملات المشفرة، والتي في الأصل تم تصميمها لتعمل بشكل مستقل عن مثل هذه السلطة المركزية.

كيف تؤثر الأخبار الاقتصادية على أسعار العملات المشفرة؟

لماذا تتأثر العملات المشفرة بالأخبار الاقتصادية؟

يظن البعض أن العملات الرقمية كيان مالي منفصل عن الاقتصاد التقليدي، لكنها في الواقع تتأثر بشكل واضح بالمحيط الاقتصادي العالمي ويرجع هذا لعدة أسباب، أبرزها (شهية المخاطرة):

  • فعندما يسود التفاؤل الاقتصادي وترتفع شهية المستثمرين للمخاطرة, نجدهم يتجهون إلى أصول عالية العائد مثل العملات المشفرة.
  • على العكس، عند ظهور مخاوف بشأن ركود اقتصادي أو أزمات مالية، تتراجع شهية المخاطرة ويميل المستثمرون إلى بيع الأصول الأكثر تقلبًا واللجوء إلى ملاذات آمنة نسبيًا.

وبالتزامن مع تزايد دخول المؤسسات المالية الكبرى في سوق العملات المشفرة، أصبحت تحركات تحركات البيتكوين وبقية العملات شبيهة بتحركات أسهم التقنية وغيرها من الأصول الخطرة.

لذلك، أي خبر اقتصادي جوهري يؤثر على سوق الأسهم أو سندات الخزانة الأمريكية مثلًا قد يمتد تأثيره إلى سوق التشفير أيضًا، لأن اللاعبين في كلا السوقين باتوا متشابهين إلى حد كبير.

أهم العوامل الاقتصادية المؤثرة في أسعار العملات المشفرة

تتأثر معظم الأسواق إلى حد كبير بالاقتصاد، لا سيما فيما يتعلق بالتضخم وأسعار الفائدة والركود والبطالة وغيرها، ولكن غالبًا ما يتأثر سوق التداول بطريقة مختلفة قليلًا:

(1) السياسة النقدية وقرارات أسعار الفائدة

قرارات البنوك من أقوى الأخبار الاقتصادية تأثيرًا في كافة الأسواق حتى الرقمية، فعندما ترتفع أسعار الفائدة يتجه المستثمرون إلى الأدوات الأكثر أمانًا مثل السندات والودائع البنكية ويزيد الإقبال عليها بشكل كبيرة، كما حدث في 2022 ورفعت الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة للتحكم في التضخم المرتفع، وبالتزامن معه فقد البيتكوين أكثر من 70% من قيمته.

وفي المقابل، عندما تكون هناك توقعات بخفض الفائدة أو تلميحات بسياسات نقدية تيسيرية، يتحسن المزاج العام للمستثمرين ونشهد ارتفاعًا في شهية المخاطرة، وزيادة في أسعار العملات الرقمية.

(2) معدلات التضخم والبيانات الاقتصادية

تقارير التضخم وغيرها من المؤشرات الاقتصادية (مثل معدلات النمو الاقتصادي والبطالة وثقة المستهلك) لها دور مهم في رسم البيئة الاقتصادية العامة، وأي تغير مفاجئ في معدلاتها سواء بالارتفاع أو الانخفاض ينعكس بشكل فوري على توقعات السياسات النقدية.

  • فإذا صدرت بيانات تضخم أعلى، يخشى المستثمرون من إجراءات تشديد نقدي أقوى (كرفع الفائدة بصورة أكبر) ويؤدي هذا إلى تراجع أسعار الأصول المحفوفة بالمخاطر بما فيها العملات المشفرة.
  • وعلى النقيض، البيانات التي تظهر اعتدالًا أو انخفاضًا في التضخم غالبًا ما تعطي دفعة تفاؤل للأسواق، لأن المستثمرين يتوقعون نهجًا أخف تشددًا من البنوك المركزية، ما قد يترجم إلى ارتفاع في سوق العملات الرقمية.

(3) الأزمات الاقتصادية والاضطرابات المالية

لا تقتصر الأخبار الاقتصادية المؤثرة على التقارير الدورية فقط، بل تشمل أيضًا الأحداث المالية الطارئة والأزمات، فعند حدوث أزمة اقتصادية عالمية أو اضطراب في الأسواق (مثل انهيار مؤسسات مالية كبرى أو اندلاع أزمة مصرفية)، غالبًا ما نشهد تقلبات عنيفة في أسعار العملات المشفرة، وفي كتير من الحالات تؤدي هذه الأخبار إلى موجة بيع واسعة خوفًا من المجهول، كما حصل في بدايات جائحة كورونا 2020 حين انهارت أسواق الأسهم والعملات الرقمية معًا بفعل الذعر العالمي.

ولكن من المثير للاهتمام أن بعض الأزمات قد تدفع باتجاه معاكس؛ فانعدام الثقة في النظام المالي التقليدي أحيانًا يجعل المستثمرين يبحثون عن بدائل، وهنا قد ينظر البعض إلى البيتكوين وغيره كملاذ رقمي آمن.

كيف يتعامل المستثمرون مع التقلبات الناتجة عن الأخبار؟

تأثير الأخبار الاقتصادية على سوق العملات المشفرة بات واقعًا لا مفر منه، لذا من المهم للمستثمرين والمتداولين اتباع بعض الاستراتيجيات والنصائح الحكيمة للتعامل مع هذه التقلبات:

  • متابعة المفكرة الاقتصادية العالمية: معرفة مواعيد صدور البيانات المهمة مثل قرارات الفائدة أو تقارير التضخم تمكن المستثمر من الاستعداد المسبق واتخاذ التحوطات اللازمة.
  • تنويع المحفظة الاستثمارية: توزيع رأس المال على أصول متنوعة يقلل المخاطر؛ فإذا تأثرت أفضل العملات الالكترونية للتداول المشفرة سلبًا بخبر اقتصادي معين، ربما تعوّض أصول أخرى أكثر استقرارًا (مثل الذهب أو حتى العملات المستقرة المرتبطة بالدولار) جزءًا من الخسائر.
  • تجنب القرارات الانفعالية: عدم الانجرار وراء تقلبات اللحظة وإصدار قرارات بيع أو شراء بدافع الذعر، فغالبًا ما يكون التذبذب مؤقت والأسواق ستعود في مسارها الصحيح بعد استيعاب الخبر.
  • استخدام أوامر وقف الخسارة: تطبيق تقنيات إدارة المخاطر مثل وضع حدود خسارة تلقائية للحماية من الخسائر الجسيمة إذا سارت الأسواق عكس التوقعات عند صدور أخبار كبيرة.

الفهم الصحيح بداية آمنة!

في الختام، لا بد من التأكيد أن أسعار العملات المشفرة تتأثر بجملة واسعة من العوامل، تشمل التقنية والتنظيمية، لكن العوامل الاقتصادية تبقى من الأقوى تأثيرًا في تشكيل اتجاهات السوق على المدى القصير والمتوسط.

ولهذا، فإن فهم الأسواق المالية والتعامل معها بشكل احترافي لابد أن يبدأ بالمعرفة الصحيحة والأدوات الملائمة!

اترك تعليقا